بين الضمانة الإجرائية وحجية الإجراءات .
-يمثل حق المرافعة أحد أهم الضمانات الجوهرية التي يقوم عليها البناء القضائي باعتباره الركن الأصيل الذي تمارس من خلاله حقوق الدفاع .
لقد أولى المشرّع هذا الحق بالنص عليه في المادة (62) من قانون المرافعات والتي رسّخت أُساساً واضحاً للمرافعة .فحق المرافعة يقوم على تمكين الخصوم من عرض أقوالهم ودفوعهم وطلباتهم أمام المحكمة،شفاهة وعبر مذكرات
كتابية ،ويترتب على هذا الحق التزام على عاتق المحكمة يتمثل في الاستماع إلى الخصوم دون مقاطعة،بما يعكس احترام مبدأ المواجهة ويكفل لكل طرف فرصة لعرض موقفه القانوني .
وهو من مقومات العدالة التي لا تستقيم الخصومة بدونها،وأي تضييق على هذا الحق ينطوي على إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب أو بطلان في الحكم
ومع ذلك فإن المشرّع وضع قيود تضمن ضبط الجلسة ومنع الانحراف بالخصومة إذ أجاز تدخل المحكمة عند الخروج عن موضوع الدعوى
أو عند الإخلال بنظام الجلسة ومن الدلالات المهمة التي تؤكد حرص المشرّع على حماية حقوق الدفاع أن المادة (62) من قانون المرافعات نصت على أن المدعى عليه هو آخر من يتحدث . وهذه القاعدة تؤدي وظيفة جوهرية،فهي تُتيح للمدعى عليه الرد على ما يقدمه المدعي، وتضعه في موقع يسمح باستكمال عناصر دفاعه مما يحقق توازن حقيقي بين طرفي الخصومة.
إذا طلب الخصوم من المحكمة تمكينهم من إبداء مرافعتهم وجب عليها الاستجابة لهذا الطلب متى كان رفضه مؤثرًا في حقوق الدفاع. فرفض الاستماع إلى مرافعة جوهرية من شأنه أن يُوصَم الحكم بعيب الإخلال بحق الدفاع.
ومع ذلك، يظل الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت،أي أن المحكمة تكون قد أتاحت للخصوم فرص الدفاع ما لم يُثبتوا العكس . وهذا المبدأ يُضفي استقرار على الأحكام .
*مما تقدم يتضح بإن حق المرافعة يشكل صمام الأمان للخصومة العادلة، فهو الذي يضمن سماع صوت كل خصم، ويكفل للمحكمة إحاطة كاملة بجوانب النزاع قبل إصدار حكمها.بما يعزز الثقة في القضاء ويُرسّخ مبادئ العدالة الناجزة.
من كتابات الاستاذ المحامي علي عيسى الخليفي



